قصة نوح عليه السلام (1)
هو أوَّل الرسل إلى الأرض:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، قال: «... فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح! أنت أول الرسل إلى الأرض، وسماك الله عبدًا شكورًا. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وأنه قد كانت في دعوة دعوت بها على قومي. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم... الحديث»(1).
المدة الزمنية بين آدم عليه السلام ونوح عليه السلام:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين»(2).
وعن أبي أمامة أن رجلا قال يا رسول الله أنبيٌّ كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلَّم ، قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون ) (3).
قال: وكذلك في قراءة عبدالله: «كان الناس أمة واحدة فاختلفوا» (4)..
قال ابن جرير: فاختلفوا في دينهم فبعث الله عند اختلافهم في دينهم النبيين مبشرين ومنذرين، وأنـزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، رحمة منه جل ذكره بخلقه واعتذارًا منه إليهم.
وقد يجوز أن يكون ذلك الوقت الذي كانوا فيه أمة واحدة من عهد آدم إلى عهد نوح عليهما السلام، كما روي عكرمة، عن ابن عباس، وكما قاله قتادة.
وجائزٌ أن يكون كان ذلك حين عَرض على آدم خلقه. وجائزٌ أن يكون كان ذلك في وقت غير ذلك- ولا دلالة من كتاب الله ولا خبر يثبت به الحجة على أيِّ هذه الأوقات كان ذلك. فغيرُ جائز أن نقول فيه إلا ما قال الله عز وجل: من أن الناس كانوا أمة واحدة، فبعث الله فيهم لما اختلفوا الأنبياءَ والرسل. ولا يضرُّنا الجهل بوقت ذلك، كما لا ينفعُنَا العلمُ به، إذا لم يكن العلم به لله طاعةً(5)..
الأصنام التي عبدها قوم نوح عليه السلام:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما «وَد» فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما «سواع» فكانت لهذيل، وأما «يغوث» فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما «يغوث» فكانت لهمذان، وأما «نسر» فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت»(6).
إنذار نوح لقومه من الدجال:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني أقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور»(7).
ومن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أحدثكم حديثًا عن الدجال، ما حدث به نبي قبلي قومه؟ إنه أعور يجيء معه تمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم به كما أنذر به نوح قومه»(.
شدة ما كان يلقى من الأذى من قومه:
عن عبدا لله بن مسعود رضي الله عنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة قال: فازدحموا عليه فقال: «إن عبدًا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فكذبوه وشجعوه، فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»(9).
قال عبد الله: «فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح جبهته يحكي الرجل» اللفظ لأحمد.
وفي لفظ البخاري قال: «كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
والظاهر أن النبي الذي حكى النبي صلى الله عليه سلم حاله وهو يمسح الدم هو سيدنا نوح عليه السلام وهو الذي مال إليه عبيد بن عمير الليثي كما ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ وابن أبي حاتم في تفسير سورة الشعراء(10).
________________________
(1) تقدم تخريجه، وقد جاء من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول نبي أرسل نوح» وأخرجه ابن عساكر والديلمي الحديث صحيح بشاهده من حديث أبي هريرة.
(2) أخرجه الحاكم (2/546- 547)، وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال السيوطي في الدر (1/94): رواه ابن أبي حاتم.
(3) رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 14 / 69 ) والحاكم (2/262) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ، وقال ابن كثير في " البداية والنهاية " ( 1 / 94 ) : هذا على شرط مسلم ولم يخرجه.
(4) أخرجه ابن جرير في التفسير (4048) ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 546- 547 وقال : "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي .
(5) أخرجه ابن جرير في التفسير (4/280).
(6) أخرجه البخاري برقم (4920).
(7) أخرجه البخاري برقم(3337، 4402)، ومسلم برقم (169).
( أخرجه البخاري برقم(3338)، ومسلم برقم (2936).
(9) أخرجه البخاري برقم(3477، 6929)، ومسلم برقم (1792).
(10) انظر لمزيد من التفصيل: فتح الباري (6/521).
|