إن العفن الفني الذي يبث على مدار الساعة خلال شهر رمضان الكريم، ليس فقط يفسد صيام من يتابعونه من الرجال كانوا أو النساء، بل هو معول هدم للأسرة المسلمة، تلك الأسرة التي يحارب الغرب ويحارب أعداء الدين لأجل القضاء عليها وهدمها، لأنها المؤسسة الوحيدة القادرة على إخراج جيل قادر على قيادة أمة، وفي ذات الوقت يصعب هدمها، فهم يهدمون المدارس والجامعات وكل المؤسسات التعليمية والقضائية والتنفيذية، لكنهم يقفون عاجزين أمام مؤسسة الأسرة، ولكم تحدث قادة ومفكرون صليبيون وصهاينة عن ضرورة هدم تلك المؤسسة القوية، لهذا فقد صوبوا تجاهها أسهم الإعلام القذر، وكان لتلك الأعمال الدرامية دور كبير في تلك الحرب.
إن مضمون الأعمال الدرامية التي تنتج لتعرض في شهر رمضان، وتشاهدها أسر بأكملها، هو مضمون تخريبي بامتياز، فهو مبدئيا يحارب كل القيم الخلقية والدينية، ويحارب كل أعراف وتقاليد المجتمع الصحيحة، وينشر في المقابل قيم التخريب والتدمير، فالحجاب تخلف بينما العري تقدم ورقي، فالناجحات متبرجات بينما المحجبات خادمات في البيوت، قوامة الزوج على زوجته تسلط وشعور بالنقص وذكورية مجتمع، بينما تمرد الزوجة على زوجها وعصيان أوامره حضارة ومدنية، الحفاظ على الأعراض وحمايتها وصونها تدنٍ فكري، بينما الاختلاط بلا ضوابط والزنا والشذوذ سمو وعلو فكري .. إلخ.
إن هذه السموم التي تبثها تلك الدراما، تترسخ في العقول والأذهان أسرع من مئات الخطب، خصوصا لدى النشء الصغير، الذي لا يجد أي توجيه أو تعليق من والديه على ذلك الكلام، فيظن أنهم موافقون على ذلك الكلام، بل إن بعضا من هؤلاء الآباء لينخدع –للأسف الشديد- بتلك السموم، فيعلق بعض التعليقات التي يلتقطها الأبناء، فتنهار الأخلاق وتنقلب المفاهيم، وتفسد علاقات الأبناء بآبائهم، والأزواج بعضهم ببعض، وتهدم أسر بأكملها جراء تلك السموم، ولقد أخبرني شيخ في قريتي قبل عامين أو ثلاثة أعوام أنه أحصى 17 حالة طلاق في شهر رمضان من ذات العام فقط.
إنه لمن الواجب على الآباء والأمهات أن يمتنعوا ويمنعوا أبناءهم عن مشاهدة تلك الأعمال الدرامية مطلقا، وأن يتجهوا إلى أمور أخرى مفيدة لسد وقت الفراغ، أو على الأقل غير مضرة، مع ضرورة الانتباه لقيمة الوقت، وأن المرء سيسأل عنه.
ومن البدائل المطروحة بالنسبة للأطفال دفعهم لمشاهدة قنوات الأطفال ذات الخلفية الإسلامية، وقد باتت موجودة بكثرة بفضل الله تعالى، وتعرض برامج وقصص وأناشيد غاية في الروعة وهي في تطور مستمر، كما يمكن استغلال جهاز الكمبيوتر لإشغالهم به من خلال الألعاب أو غيرها، وكذلك يمكن حثهم على مساعدة والدتهم في بعض الأعمال المنزلية البسيطة، وتعليمهم قراءة القرآن، وأداء الصلوات بالمسجد، وكل هذا إشغال للوقت بحيث لا يكون فيه متسع لمتابعة ذلك العفن الفني.
أما بالنسبة للأبناء كبار السن والوالدين، فلا أظن مسلما عاقلا لديه وقت من الفراغ في شهر رمضان الكريم، فمن ذا الذي يجد وقتا لعمله وقراءة القرآن والذكر وأداء الصلوات والسنن، والقيام .. إلخ، وإن وجد فالقنوات الإسلامية كثيرة، وبرامجها متنوعة في رمضان، ويكون فيها زخم خلال ذلك الشهر، كما يمكن إشغال الفراغ بزيارة يومية لأحد الأقارب وصلة الأرحام، فما أعظمه من فضل، وتعليم الصغار قراءة القرآن، وقص بعض القصص المفيدة عليهم، فالبدائل كثيرة، ولكن العزم والهمة والصبر.